سورية تصدرت قائمة “الفقر المدقع”.. ما حقيقة ذلك؟

حسين اليوسف – شام تايمز

‌تصدرت سورية قائمة الدول الأكثر فقراً في العالم، والتي يصدرها مؤشر خط الفقر العالمي “Population Below Poverty Line” والذي يضم نحو 164 دولة. وبزعم المؤشر فإن ٨٢.٥٪ من السكان يعيشون تحت خط الفقر المدقع، بحسب آخر تحديث له عام 2019، ورغم صدوره قبل نحو عام من الآن إلا أنه كان حديث السوريين مؤخراً عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

المؤشر يعنى بتحديد المستوى الأدنى للأسرة أو للفرد للعيش ضمن ظروف ملائمة في بلد ما، ومصطلح “الفقر المدقع” يتمثّل بالعجز عن توفير أدنى تكاليف المتطلبات الضرورية للعيش اليومي من حيث المأكل والملبس والرعاية الصحية والمسكن. ويقاس خط الفقر العالمي بالدولار الواحد في اليوم الذي يحتاجه الفرد للعيش بأدنى مستويات المعيشة.

ورغم التصنيفات التي تحتمل المبالغة إلى حد ما والتي ربما تأتي ضمن سياق الحرب الاقتصادية التي تواجهها سوريا، لا يبدو الحال بهذا السوء، وليس من باب تجميل الواقع أو تلميعه أو نفي ازدياد نسبة الفقر في الأوساط الشعبية، إلا أن السوريين اعتادوا تداعيات الحرب والحصار، وباتوا يتعايشون مع مسألة تأمين الاحتياجات اليومية، ويمكن بوضوح أن يلمس المراقبون والزوار قدرة المواطن السوري على توفير متطلبات صموده اليومي ولو بشق الأنفس من شراء للخبز والطعام والحاجات الأولية والعيش ولو بأدنى المستويات المعيشية.

بناءً على ذلك، لا يبدو التصنيف السابق منطقياً، إذا ما اعتمدنا على القياس في مقارنة الاقتصاد السوري مع دول أخرى في المنطقة أو محيطها، لم تتعرض لما تعرضت له سورية، بل على العكس، يجب مقارنته بدول تعرضت لحصار مماثل وحرب دخلت عامها التاسع، ووصل فيها سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق السوداء مؤخراً إلى عتبة الـ 1000 ليرة سورية، بسبب المضاربات وعمليات التهريب واللعب غير المشروع.

لا يبدو غريباً إن قلنا أن المجتمع السوري صار فئتين، مع حالة التشتت والانهيار شبه التام لركائز الطبقة المتوسطة، والتي تاهت بين طبقتين، الأولى طبقة الأثرياء والأثرياء جداً، ومنهم من استفاد من الحرب بطريقة أو بأخرى، والطبقة الثانية، التي تضم فئات الموظفين والعاملين في الجهات العامة والخاصة، والذين يتقاضون أحوراً شهرية متواضعة، تدفعهم للانهماك في البحث عن سبل العيش الكريم، وإمكانية توفير متطلبات العيش اليومية البسيطة من شراء للخبز والطعام والمحاولات الشديدة والمستمرة لتوفير تكاليف التعليم المدرسي والجامعي لأولادهم.

وما يزيد من شدة التناقض بين تقييم المؤشر والواقع الآني، هو مشهد العاصمة دمشق، والذي يتماثل مع غيرها من المحافظات ويتجسد بحالة الازدحام المستمرة التي تشهدها المقاهي والمطاعم وحتى الأسواق، ما يعكس واقعاً مختلفاً عما يتم سوقه في وسائل إعلام غربية أو مؤشرات اقتصادية أجنبية، دون إنكار وجود فئات بأكملها يعيشون ظروفاً صعبة للغاية لاسيما في أرياف المدن، والمناطق التي أتت عليها الحرب.

ولا ضير في القول إن السوريين طوروا من قدراتهم على التماهي مع انخفاض سعر الليرة مقابل عملات أجنبية أخرى، إلا أن نسبة كبيرة من الأفراد ما زالت تمتلك القدرة على تأمين احتياجاتها من الألبسة والتكنولوجيا وحتى الترفيه بالحفلات والسهر وارتياد المطاعم والمقاهي، ليبقى الأمر المتفق عليه رسمياً بين مختلف الفئات وهو قدرة الغالبية العظمى على شراء ربطة الخبز وتأمين الملبس والمسكن وإن كانت هنالك شريحة من الأفراد لا تزال تفترش الأرصفة والشوارع بفعل الحرب، إلا أنها لا يمكن أن تصل بأي حال من الأحوال إلى النسبة التي ذكرها المؤشر ووصفها “بالفقر المدقع” ومن المؤكد أن الحال ليس سليماً كما يفترض، إلا أن البلاد تتجه حتمياً نحو مرحلة أفضل من السنوات السابقة، مع استعادة الدولة للمساحة الأوسع من البلاد، وإنهاء وجود الإرهاب وأثره السلبي على الحركة الاقتصادية والصناعية، وخصوصاً بعد تحرير كامل محافظة حلب، الأمر الذي سيساهم في تحريك عجلة الإنتاج وتحسين واقع الاقتصاد السوري.

شاهد أيضاً

محطة بنزين أوكتان المتنقلة تصل إلى المدينة الصناعية بحلب

شام تايمز – متابعة وصلت إلى المدينة الصناعية في “الشيخ نجار” بحلب محطة بنزين أوكتان …