كرم صايغ – شام تايمز
في كل أزمات الدول مهما اختلفت هويتها اقتصادياً، سياسياً، أو اجتماعياً تنطلق مبادرات منبعها المجتمع نفسه، إما أن تكون ناتجة عن مبادرة من قبل مؤسسة مجتمعية أو من قبل أفراد أطلقوا حملاتهم عن طريق السوشال ميديا، وهذا كان حال ” ليرتنا عزنا ” الحملة التي حصدت أكثر نسبة تداول عبر منصات التواصل الاجتماعي في سوريا خلال فترة انطلاقها حتى اندثرت فجأة.
مضمون “ليرتنا عزنا” كان عبارة عن قيام مجموعة كبيرة من مدراء المشاريع الصغيرة مثل المؤسسات الاستهلاكية الخاصة بكسر أسعارهم وبيع منتجاتهم أو بضائعهم مقابل ليرة سورية واحدة، والمثير للدهشة هو تفاعل الناس الكبير والمنقسم ما بين مع وضد على رغم حاجة الناس لشراء كيس من السكر مثلاً بليرة واحدة وخاصة بعدما سجل الدولار الأميركي أعلى نسبة ارتفاع منذ بداية الأزمة السورية ما أعطى للمواطن الفرصة للاستفادة منها لشراء ما ينقصه وخاصة مع انخفاض الأجور في سوريا وعدم تماشيها مع أسعار السوق المرتفعة.
في حين أن فئة الليرة الواحدة من العملة السورية باتت شبه نادرة وحتى أن قيمتها معدومة، إلا أن المبادرة كانت كفيلة بإعادة الحياة لبعض الأسواق المتسابقة لكسر أسعارها رغبةً بحماية الليرة السورية من الانهيار أمام الدولار الأميركي، ولكن على الرغم أن لمثل هذه الحملات وتكاتف الشعب لدعم اقتصاد بلده تأثيرها المعنوي إلا أنها بحاجة لدعم بوضع خطط اقتصادية قادرة على انتشال الأزمة من جذورها وهذا ما يتطلب دعم الليرة من خلال السعي لوضع حلول منهجية مدعومة من قبل جهات معنية بالشأن الاقتصادي لتتحول هذه الحملات إلى أرضية تبنى عليها الخطط.
المؤسف أنه منذ بداية الحرب في سوريا لم تكن المبادرات المجتمعية تحمل طابع الاستمرارية لنراها متأثرة بظاهرة “الترند” فتصبح حديث المنصات والصحف والناس لفترة ثم تندثر وهذا ما يؤكد أن لمثل هذه الفعاليات نوعاً من الهشاشة و لا تحمل خططاً لها تأثير استراتيجي، أما بالنسبة للدولار الأمريكي وطريقة قطع رأسه فمن المفروض أن يعلم المواطن أن لمثل حملاته الرديفة تأثيراً وقتياً آنياً، وبينما لكسر سعر الصرف فهذا يعتمد على إعادة هيكلة الاستيراد والتصدير والذي بات متأثراً وبشكل كبير نتيجة العدوان الاقتصادي الذي طال سوريا طوال الأعوام السابقة بالإضافة لعودة عجلة الإنتاج المحلي وهذا يحتاج لوقت طويل، في حين أن بعض المعامل دخلت مرحلة الترميم بعد تحرير المناطق المتواجدة فيها إضافةً لفتح الأسواق الدولية مع سوريا ومع المنتوج السوري والذي تمت مقاطعته نتيجة العقوبات الاقتصادية التي طالت البلاد أيضاً.
السؤال البديهي هُنا “ماذا يترتب على المواطن في مثل هكذا محنة؟” والجواب أن تكون المبادرات مبنية على أسس اقتصادية منهجية وعدم بناء حملة معينة على أرضية فارغة فقط من باب التعاطف أو العفوية، إنما إغناء الحملات بخطط قابلة للاستمرار تثبت أنها تصنع تغيراً في المجرى الاقتصادي للبلاد وتعكس صورة علمية مبنية على استغلال أصحاب الاختصاص لبناء مشروع منبثق من الشعب يحمل عنوان ” حملة “، وما بين الحملة والمبادرة شغف على أن يكون الحال غالباً المُحال وتبقى حقاً ” ليرتنا عزنا ” ولكن بوعي كامل من الشعب أنها مرحلة خطة ومرحلة العلم والعفوية يجب أن تثقل بالوعي.