رئيس التحرير: حيدر مصطفى
لم تنضج بعد عملية تطبيع العلاقات السعودية السورية، الحساسية ما زالت تسود الأجواء بين البلدين، رغم بعض المؤشرات المتداولة في الآونة الأخيرة، إلا أن الجدل حول مسألة فتح سفارة الرياض في دمشق، حُسِم لناحية التأجيل بذريعة أن الوقت لم يحن بعد.
وفي حين يؤكد مندوب السعودية الدائم لدى الأمم المتحدة عبد الله بن يحيى المعلمي، أن العلاقات بين الرياض ودمشق ممكن أن تعود ببساطة في أي يوم وأي لحظة إذا انتهت الأزمة السورية وتم التوافق بين فصائل الشعب السوري على التوجهات المستقبلية في البلاد، إلا أن المسألة قد لا تبدو “بالبساطة” التي أشار إليها المعلمي في حديثه لـ RT.
المعلمي لم يستعبد أيضاً عودة العلاقات العربية السورية، مؤكداً على ضرورة عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، لكن استبعد في ذات الوقت إعادة افتتاح السفارة السعودية بدمشق في الأفق القريب، لأن الوقت لم يحن بعد.
ورغم الحديث الصحفي والإعلامي في بعض الأوساط عن وجود علاقات ضمنية بين دمشق والرياض، تبقى العلاقة مقيدة بتبعات خلافات دامت نحو ثماني سنوات، ومواقف متباعدة لكل الدولتين عززت الشرخ بينهما، والذي قد يُرمم “ببساطة” في حال تحقق الشرط السعودي، بانتهاء الأزمة السورية.
ما يطرح تساؤلات عديدة، فيما إذا كانت السعودية تلعب على وتر الوقت لعدم السقوط في فخ الحرج مع الأمريكي وفي مقدمة التساؤلات أيضاً مصير العملية السياسية في سورية، في ظل تعنت الموقف العربي وتدخله السلبي أو الحيادي في أفضل الأحوال تجاه الاستحقاقات السورية، ولعل السؤال الآخر الذي يطرح، أين سيكون موقع السعودية من قانون قيصر، في ظل تحسن العلاقات التجارية مع البلدين خلال العامين المنصرمين بعد إعادة افتتاح معبر نصيب، حيث تصدّرت السعودية قائمة الدول التي صدّر لها القطاع الخاص السوري في العام الماضي ما قيمته 74.5 مليون يورو، بزيادة قدرها 19 مليون يورو عن العام السابق، وجاءت في المرتبة الثانية بعد لبنان.
واللافت أن “المعلمي” حدد شرط عودة العلاقات بانتهاء الأزمة، دون توضيح شروط السعودية في هذا السياق، وهي من أبرز الدول التي كانت تضع قائمة مطوّلة من الشروط في سنوات الحرب الأولى، حتى حسم المعركة على النسبة الأكبر من الجغرافيا السورية لصالح الدولة السورية، ما يضيف تساؤلاً آخراً فيما إذا كانت السعودية ستقبل بأي حل خارجي، على غرار الاشتراطات الأمريكية، خصوصاً أنها لم تعط موقفاً واضحاً حتى اللحظة من قانون “قيصر” والذي سيؤثر حتماً على الاستثمارات المحتملة، لاسيما استثمارات رجال الأعمال السوريين في الخليج وتحديداً الإمارات.
وبالتالي فإن السعودية ودول مجلس التعاون، مطالبة بحسم المسألة لناحية المواقف من “قيصر” وعواقبه على التجارة والاستثمارات المشتركة، ومن جهة أخرى، التبعات الوخيمة التي من الممكن أن يتسبب بها على الشعب السوري والدول المحيطة به، وأيضاً على المنجز السياسي والدبلوماسي المتمثل بإعادة افتتاح سفارتي المنامة وأبو ظبي في دمشق.