شام تايمز الاقتصادي – رنيم خلوف
منذ حوالي سبعة أيام عندما بدأ سعر الصرف في سورية يرتفع بشدة، انتشرت دعابة على موقع التواصل الاجتماعي “الفايسبوك” تقول.. “أفضل مشوار حالياً هو أن تهبط من الطوابق المرتفعة لتحت، مين بيروح معي” تلك الكوميديا السوداء التي تشير إلى التذمر من الواقع الاقتصادي المتدني للشعب السوري، لها دلالات نفسية واجتماعية خطيرة، فالمزاح اليوم بلفظ أو الإشارة إلى كلمة الانتحار!
في المقلب الآخر للواقع الافتراضي، حيث الحقيقة القاسية، هناك غرب العاصمة وفي عشوائيات حي المزة يرتفع يومياً صوت “أمير” الشاب الأربعيني على عائلته ويردد جملته يومياً “من وين بجيب بسرق؟؟
ما الحل؟
باتت مفردات الانتحار والسرقة لفظاً يومياً على لسان السوريين، بعد تردي الوضع الاقتصادي في البلاد، وخصوصاً منذ مطلع العام الجاري، والذي سجل 51 حالة انتحار في سورية في الأشهر الأربعة الأولى، 13 حالة منها تحت سن الـ18 بحسب تصريح رئيس الأطباء الشرعيين في سورية الدكتور زاهر حجو لـ”جريدة تشرين الرسمية” منوهاً أن حالات الانتحار كانت متعددة بين الشنق، والطلق الناري والسموم، وبغض النظر عن طرق تعذيب النفس أشار حجو إلى أن العامل الاقتصادي هو الدافع الأول للانتحار في هذه الحالات، وهنا لابد من الإشارة إلى أنه في الفترة التي شهدت ” 51″ حالة انتحار، أي في بداية الأشهر الأولى من السنة كانت الأسرة السورية تحتاج حوالي 430 ألف ليرة سورية، بينما من شهرين حتى الآن تضاعف هذا المبلغ، وأصبحت الأسرة تحتاج ضعف المبلغ أي ما يقارب “800” ألف ليرة سورية شهريا، بحسب تصريح الباحث الاقتصادي علي محمد لـ “شام تايمز” وخصوصاً في ظل موجة المضاربات في سعر صرف الليرة السورية التي دفعت تاجر البضاعة الوطنية لتسعيرها على الدولار، هذه المضاربات الاقتصادية جعلت المواطن يدخل في دوامة المضاربات النفسية والاجتماعية، فالشخص يستيقظ مشحون تلقائياً من تبعات اليوم السابق، قبل التعرض لأي ضغط عمل أو حياة، وبالتالي كل هذا الضغط من سبل العيش من ارتفاع أسعار جنوني، غير مناسب للدخل يدفع المواطن للتفكير بالانتحار، بالسرقة، والقتل من باب أن يشبع حاجاته الفيزيولوجية في هرم ماسلو، التي إن مسها خطر، يرتكب الجريمة دون عذاب ضمير.
انهيار اجتماعي:
لا تخلو صفحات وزارة الداخلية السورية، بشكل يومي أو شبه يومي، من فقرة ” إلقاء القبض” على عصابة تمتهن السرقة والقتل والسلب والنهب، أو “إلقاء القبض” على مواطن ذُكر من اسمه حرفين فقط، وسرق أقاربه إما أموالاً أو مصاغاً ذهبياً، حيث أشارت الاحصائيات الاجتماعية وذلك حسب ملمين بالأمور القانونية وكانوا طرفاً في دعاوى جزائية أن سبب تردي الأوضاع المعيشية ساهم بزيادة جرائم القتل لدافع السرقة والسلب بالعنف، حيث ارتفعت النسبة من مطلع العام الجاري حوالي 40%، وذلك حسب الاحصائيات الاجتماعية التي صرح بها بعض الملمين بالأمور القانونية لشام تايمز، وتعقيباً على هذه الإحصائية تشير الاختصاصية الاجتماعية “هبة عرنوس” إلى أن المجتمع وصل لحالة سيئة بسبب ارتفاع الأسعار لأن لقمة العيش هي من تؤثر على المواطن، ويقوم بأي فعل للمحافظة على بقائه، ويفضل أن يعيش ضمن السجن ليأكل ويشرب، ويتقاطع كلام الخبير الاقتصادي “علي محمد” مع كلام الاختصاصية الاجتماعية، إذ يؤكد أن الأزمات الاقتصادية تترافق بانهيار اجتماعي بوتيرة سريعة نتيجة لتراجع مقدرات الأٍر على الانفاق المعيشي والصحي، حيث يتم إعادة ترتيب الأولويات ويصبح التعليم في نهاية الأولويات مقابل البحث عن وسائل لتأمين لقمة العيش.
وعلى اعتبار أن الظروف المعيشية بدأت تضيق ذرعاً على المواطن السوري، منذ مطلع 2020، أسراً وشباباً، والجميع يسأل البلد ويعاتبه بحب.. سألتك يابلد لوين رايحين؟