شام تايمز الاقتصادي – دمشق – منار الزايد
تجارة الأعضاء وتحديداً “بيع الكلى” ليس بالموضوع الجديد، منذ زمن ونحن نسمع بأن فلاناً وهب كليته لفلان وقدر الموهوب ثمن الهبة بمليون ليرة سورية. ونرى الإعلانات الجدارية في الشوارع كلها تطلب متبرع بالكلية وتحدد زمرة دمه ويكتب على الإعلان “يفضل من لديه تحليل أنسجة” أي هناك العديد لديه نية وتحضيرات لبيع كليته وليس التبرع بها.
وخلال السنوات الأخيرة، صار الموضوع رائجاً على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، والتي عمل بعضها للترويج لمسألة التبرع بالكلى، والجميع يعلم أنها ليست عملية تبرع، بقدر ما هي عملية بيع منظمة، دون تحرك ملموس لمعرفة حيثيات ما يحصل وفيما إذا كانت المسألة تعدو عن كونها ترويج بهدف إنساني.
وفي السابق أيضاً، كانت تصدر الجرائد الاعلانية الورقية التي تضع “بولد اعلاني” باسم “القلب الكبير”، حيث يطلب فيه متبرعون للكلية، وكل هذا كان على عينك يا تاجر، علماً أن الإعلان مخالف كون أي إعلان طبي يجب أن يحصل على موافقة وزارة الصحة، والواقع المزري للإعلانات عن طلب الكلى هو وضعها بالقرب من المشافي والمراكز الصحية.
مدير عام مشفى الكلية الجراحي توضح:
وتداولت صفحات عديدة مؤخراً منشوراً قالت إنه منسوب لإحدى الإذاعات المحلية، مفاده توقيف 7 أشخاص بدمشق بتهمة بيع الكلى مقابل مبالغ ضخمة بسبب الأزمة الاقتصادية، إلا أن الدكتورة “رانيا ديراني” مدير عام مستشفى الكلية الجراحي بدمشق نفت لشام تايمز الاقتصادي، أن يكون لديها علم بما كتب على صفحات التواصل الاجتماعي، مؤكدة أن عملهم ينحصر في مثل هذه الحالات بعد جلب ورقة من القضاء وهنا يكون القضاء هو المعني وهم مختصون بعملهم واختصاصهم ولا علاقة للمشفى بمثل هذه العمليات.
حالات تبرع:
قال “ي.ك” ضاقت بي الدنيا في منصف الأزمة وانا عاطل من العمل، أولادي الثلاثة يتباكون أمامي بسبب الجوع ونقص الحليب وباقي المستلزمات، وشاهدت إعلاناً يطلب متبرعاً بكليته، فاتصلت على الرقم المرفق بالإعلان ورد صوت ملهوف، وبعد نصف ساعة تم الاتفاق وانتهى الأمر بعد شهر، وقدم لي مبلغ على أنه هدية.
“أم محمد” مهجرة من إحدى المناطق الساخنة، لم يبق لها معيل سوى الله، في يوم من الأيام وقفت بجانبها سيارة فارهة وبحسب حديثها “سيارة خيلة” وبها امرآة ورجل اغدقا العطاء عليها، وطلبوا منها أن تكون جاهزة غداً بنفس المكان، كونهم يريدون الحديث معها بموضوع هام، وجاء الموعد وبعد حديث طويل اقتنعت أم محمد بإجراء تحليل الانسجة لتأتي النتيجة متطابقة وتتبرع بالكلية لصالح والدة الرجل والذي بقي يزورها لحوالي الشهرين، وانقطع عنها إلى غير رجعة.
“س.ف” مطلقة أبت الزواج بعد طلاقها لتربي ابنها وبنتها وتعمل بمجال الخياطة من منزلها المتواضع جداً، وحين مرض ابنها بالسرطان، وانفقت كل ما تملك واستدانت وأغلقت الأبواب بوجها، أشارت عليها أحد جاراتها بموضوع وهب كليتها وقد فعلت تحت ضغط الأمر الواقع.
أخيراً:
قرأت في يوم ما قصة قصيرة، عن أمرآة في الهند خرجت من منزلها دون علم زوجها المريض وأولادها، وغابت لأيام وحين عادت اتهمها زوجها والجوار أنها كانت تخون زوجها، وهي تواجههم بدموعها، هوت على الأرض وخرجت النقود من ثيابها وظهرت أثار جرح على جانبها عند الكلية، فهذه السيدة باعت كليتها لتأكل عائلتها، وهذه القصة رسالة للمعنيين لعل وعسى أن تصل الصورة لهم، ويعرفوا مدى البعد الخطير لمنشورات الترويج والتبرير لبيع الكلى، التي انتشرت بالتزامن مع الأزمة الاقتصادية فوق الحادة.