بين الصمود والصموت..الله المستعان!

رئيس التحرير: حيدر مصطفى

مرت سنوات الحرب التسع، والبلاد قابعة تحت وطأة الحصار والعقوبات، ولم تكن سياسة البدائل الاستراتيجية قد طرحت بشكلها الجدي، لإعادة الدولة إلى حالة الاكتفاء الذاتي، وقد تبدو ذريعة الانشغال بالحرب منطقية إلى حد ما، لكنها لم تعد كذلك بعد استعادة المساحة الأكبر من البلاد وتحقيق إنجازات ضخمة في الحرب على الإرهاب.

الحالة الاقتصادية اليوم لا تعكس مدى صلابة العقوبات الخارجية، ومن الخطأ في مكان تحميلها وحدها مسؤولية ما يحصل، كون تأثيرها يطال النسبة الأكبر من الشعب السوري وهي فعلاً فئة الفقراء، أما فئة المواطنين فوق العادة، فهؤلاء لا عقوبات ولا هم يحزنون.

المفاجأة كانت أن الحكومة التي تعلم بقرب تطبيق قيصر، راحت في الوقت بدل الضائع تتحدث عن حلول للنجاة، ووجدتها فجأة، وأقرّت عيون مواطنيها، فسهل الغاب المنسي ستبدأ منه نهضة القطاع الزراعي وفق خطة ورؤية استراتيجية، سيعاقب فيها المُقصر عن أداء الواجب.

الفرحة كانت فرحتين بالنسبة للمتابعين (رغم هزلية ما نشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي) فرحة التوجه نحو نهضة زراعية، وفرحة الحديث عن “عقاب المقصرين” فالعقاب عادة من الكبائر التي لا ترتكب، كون البلاد كلها “أهلية بمحلية” وحد السيف لا يطال كبار المقصرين عادة بل صغارهم إلا ما ندر، على الأقل ما زلنا بانتظار محاكمات علنية وشفافة وفق قاعدة، من أين لك هذا؟

على العموم تمر البلاد بحالة يرثى لها من التدهور الاقتصادي، والمحال بدأت تغلق أبوبها إما اختياراً أو إضراباً بقرار شخصي (ليس سياسي) والليرة تواصل انهيارها أمام السعر “الوهمي” للمضاربين بالسوق السوداء، ولا بصيص أمل لحل قريب، مع تناسب انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين مع حجم الإنهيار الحاصل والذي يقدر بنسبة تصل إلى 40 في المئة بقيمة الليرة، وهي غير مستقرة وقابلة للزيادة.

ولعل أبرز ما اثار سخط الرأي العام في الآونة الأخيرة، محاضرات الصمود، والتي كان لها وقع سلبي على نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، والتي وصفت بالاستفزاز والخروج عن الواقع، فيما تبدو بمكان ما حقيقة وواقعاً، إذ لا خيار أمام الناس سوى “الصمود” فعلاً، لكن ألا يحق لنا السؤال عن مقومات الصمود هذه؟ وأليس من الأفضل أن يلتزم جميع من لا حل لديه بالصمت، حرجاً من خذلان الناس ومواجعهم، أملاً بأن يعبر بنا “الصموت” وليس “الصمود” إلى يابسة آمنة بعيداً عن دفع مزيد من الأثمان.

شاهد أيضاً

محطة بنزين أوكتان المتنقلة تصل إلى المدينة الصناعية بحلب

شام تايمز – متابعة وصلت إلى المدينة الصناعية في “الشيخ نجار” بحلب محطة بنزين أوكتان …