لا مكيّفات في أسواق “العفيشة” ولا أموال لشرائها.. من شو بتشكي “الهوففة”؟

شام تايمز الاقتصادي – عثمان الخلف

تزداد حدة الضغوطات المعيشية على المواطن السوري في ظل موجة غلاء غير مسبوقة، ارتفاع الأسعار في خانة المأكل والملبس ومستلزمات الأسرة ليس كل القصة وإن كانت مرتبطة مباشرة بكونها عوامل ضرورية لاستمرارية إبحارك في معترك الحياة ككائن موجود على أرض الواقع ولست حالة افتراضية.

فمع هجمة الصيف بحرارته المرتفعة حد الذوبان يُصبح ويمسي المواطن أمام معضلة توفير مضادات الحرارة (أجهزة التكييف) كمن يُحدّث نفسه مهلوساً بحثاً عن طريقة
“لمد اللحاف على طول رجليه أو بالأصح أرجل المعيشة”.

المُعفش مقصدُ الفقراء:

يقول المثل “إن أردت أن تنسى هموم الدنيا فالبس حذاءً ضيقاً” لكن صاحب المثل لم يتخيَّل يوماً حجم إحساس الجوع، الذي سينسيك مشكلة حذاءك الضَّيق، فما الحل أمام متطلبات المعيشة بمأكلها وملبسها وقائمة متطلبات لا تنتهي، بأجهزة التكييف الموفرة لجوٍ يقي الحر؟!

على سبيل المثال، المواطن “ياسر خليفة” يعمل مدرساً، يدفع 40 ألف ليرة سورية أجرة منزله  وما يتبقى منه مع راتب زوجته المعلمة يُشكل رصيد توفير مستلزماته الحياتية يقول لـ”شام تايمز الاقتصادي” إنه مع ارتفاع الحرارة بتنا نبحث عن أجهزة تكييف مستعملة، لأن الجديدة أسعارها باهظة ومن المحال أن نتمكّن من اقتنائها، فجهاز التكييف بدءاً من حجم طنٍ واحد إلى طنٍ ونصف وطنين بالنار وبات أمام الغلاء كالعنقاء، وترتيبه لدى الجيوب المنهكة صفر، حسب تعبيره.

بدوره “توفيق الشيخ” الموظف بمديرية الزراعة ضحك مقهقهاً لدى سؤاله حول تكييف منزله قائلاً “نحنا ملاقين ناكل لحتى نبورد، طبعاً لا يوجد في منزلي سوى المروحة، منذ عدت إليه بعد التهجير بسبب سيطرة الإرهابيين على المنطقة، في جو الصيف
المروحة مثل قلتها، لمن بيكون سعر أجهزة التكييف تناطح السحاب حتماً ستنطح رأيك في الجدار وتكتفي بالمروحة السقفيّة أو الأرض أو الحل في نقع المنشفة بالماء البارد ولفها على الرأس أو أن تلجأ للكرتونة الورقية و”الهوففة” بها مع ملاحظة أن انقطاعات الكهرباء أصلاً تنسيك أن تمتلك التكييف الذي تصل أسعار أجهزته الجديدة حتى 1 مليون ليرة سورية وأكثر نزولاً بالآلاف
المؤلفة 800 ألف ليرة، أو 700 ألف ليرة وهكذا ما يجعل امتلاكها فقط للعوائل المخملية، يقول الشيخ.

ويشير “محمد الأسود ” الموظف بمديرية التربية في دير الزور إلى أن غلاء الجديد من هذه الأجهزة يجبرك للجوء إلى المستعمل منها، وأي مستعمل فالأسعار كذلك منهكة، فمكيفات الغاز يصل بعضها إلى 200 ألف ليرة سورية وعليك الحساب من تعبئة الغاز إلى التركيب إلى مستلزماته من بواري وقاعدة وأجرة نقله، بالتالي سيتجاوز سعره 250 ألف إن راعاك البائع.

أما بالنسبة لأسعار مكيف الماء فيبدأ من 50 ألف وحتى 75 ألف ليرة.. هذا إن وٍجد، لافتاً “الأسود” إلى أن المستعمل المقصود به مايبيعه (العفيشة) ممن جردوا منازل المواطنين من محتوياتها أثناء الحرب.

وهنا يشير “وائل الحجي” موظف بمديرية الزراعة إلى أن “سوق التعفيش” بات بعد عودة الكثير من المواطنين لمناطقهم مقصداً لتأمين تجهيزات المنزل ويقول لشام تايمز الاقتصادي.. “هي مسروقات نعلم بذلك، لكن ما الحيلة أمام الأوضاع المادية الصعبة والغلاء الفاحش، لكن تأمين هذه الأجهزة من هكذا سوق بات صعباً، لأنها باتت نادرة فمع عودة أجهزة الدولة لممارسة دورها بات من الصعب على العفيشة توفيرها، أتكلم لك وأنا بين الضاحك والباك ، حقاً تراجيديا حد الثمالة ما نعيشه”.

بدوره المواطن “علي عيسى” يتساءل.. هل أسعار المراوح أهون، ماكنا نشتريه منها كجديد بـ 15 ألف ليرة العام المنصرم بات في الخمسين وأدنى بقليل، وأعلى في المستعمل منها إن وجد وهي في الغالب “تعفيش” .

وبسبب ارتفاع نسبة صعوبة تأمين متطلبات المعيشة، وعلى اعتبار أن شد (لحاف المعيشة) من الصعوبة بمكان أن يغطي المطلوب في أدنى المستويات، وفي هذه الحالة ليس على المواطن أن يمسك غصناً لعد حاجاته خشية النسيان، بل الأكيد يُمسكه ليجلد أي محاولة تريد فرض نفسها عليه تكون خارج المأكل والملبس، أو حتى خارج عملية الشهيق والزفير.

شاهد أيضاً

البنك الدولي يحذّر من احتمالية تراجع الاقتصاد عالمياً

شام تايمز – متابعة حذّر البنك الدولي من احتمالية تراجع متوسط النمو الاقتصادي العالمي إلى …