الأعلاف سوق للمضاربة والخسائر.. والإنفاق بالمليارات الصعبة!

شام تايمز الإقتصادي – علي خزنه – لؤي ديب

تعتبر لقمة عيش المواطن مصدر رزق لنسبة كبيرة من التجار، وبقسمة بسيطة على “اثنين” ستجد أن المجتمع السوري يتكوّن من تاجر و مستهلِك كلاهما يحتاج الآخر لاستمرار بقائه، لكن دون وجود ضوابط وقوانين تُنظّم عمليّة التفاعُل بينهُما سيكون المُستَهلِك في خطر، و لعلَّ الدجاج (الفرّوج) يعتبر من أبرز السّلع التي يحتاجها المستهلك السوري في حياته اليومية أو الأسبوعية أو الشهرية، وذلك حسب قوة دخل المستهلك المقصود، لكن “الفرّوج” كسلعة غذائية تحتاج لتعامل خاص ودورة إنتاج طويلة أهم عناصرها “العَلَف” الذي يستهلكه الدجاج عند مربّي الدواجن، وهو قطاع تنفق عليه الحكومة مبالغ ضخمة في سبيل دعمة، ورغم ذلك يتعرض لخسائر ضخمة تقدر بالمليارات.

وبحسب أحد مربّي الدواجن السابقين في حمص “مهند حسين” فإن مسألة العلف تدخل في إطار الاحتكار والابتزاز من قبل كبار التجار، مؤكداً لـ”شام تايمز” أن.. ” التاجر اللي ببيعك العلف هوي نفسو اللي ببيعك الفرّوج، وهمّو ما يضل غيرو بالسوق كل ما شافو في كم تاجر صغار مبلشين بالشغل بفشّلوهن، رح أعطيك مثال: بتجيب ألف صوص بتحطن بالمدجنة بوقّف عليك الصوص الكيلو بـ400 ليرة، بدّك تحطلو عامل بالمدجنة مع تدفئة بالشتي أو تبريد بالصيف، وبدك تجبلن علف بالمرحلتين البدائية والأولى، كيلو العلف كان سعره بين الـ400 والـ500 ليرة اليوم وصل للـ650 ليرة لنفترض أن كل فرخ استهلك كيلو غرام واحد فقط خلال فترة التدجين من غير ما نحسب النفوق اللي لابُد أنو يصير، بكون الفروج الواحد كلّفني كمُربّي 1050 ليرة سوري بأبسط ما يمكن من غير راتب عامل معي ولا تدفئة ولا تبريد ولا نفوق ولا شحن، منجي لوقت المبيع بعد نهاية فترة التدجين منلاقي سعر الفروج انخفض بالسوق للألف ليرة بكون تاجر العلف اللي هوي ذاته تاجر (الصّوص) ربح من بيع العلف وقادر على بيع الفروج بسعر رخيص لأنه جايب العلف بأسعار رخيصة مستوردها استيراد”.

ووفق إفادة “حسين” فإن التاجر الكبير قادر على تحويل صغار التجار الناشئين إلى مستهلكين، بالإضافة إلى قدرته على التحكم بسعر السوق أيضاً.

صغار الكسبة يتركون المهنة!

شهد قطاع الدواجن والاعلاف ارتفاعاً كبيراً بالاسعار نتيجة توقف العديد من صغار مربي الدواجن عن تربية الدواجن والأمر يعود إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج مع ما يقابله من انخفاض في العائدات من عملية البيع، بالتزامن مع توقف عدد من مربي الصيصان عن توريد الصيصان الى باقي المحافظات ما أدى لخسائر كبيرة لحقت بالمربيين جراء نفوق الكثير من الصيصان الأمر الذي هدد قطاع الدواجن بالخساىر الكبير بالإضافة إلى خروج الكثير من المربين من قطاع العمل.

يقول “جعفر” وهو أحد العاملين بقطاع الدواجن في منطقة صافيتا بمحافظة طرطوس لـ”شام تايمز الإقتصادي” إن سعر الفروج في الأسواق مرتفع ولكن رغم هذا الارتفاع في الأسواق نحن كعاملين في قطاع الدواجن نخسر بكل كيلو فروج قرابة 250 إلى 300 ليرة وأحيانا تصل إلى 350 ليرة ويعود السبب إلى ارتفاع أسعار العلف.

وأضاف جعفر إن ارتفاع سعر العلف أجبر الكثر من مربي الدواجن على “ترك المصلحة” لأن استمرار ارتفاع الأسعار يؤدي إلى استمرار الخسائر اليومية والتي تؤدي إلى الإفلاس.

إذاً التاجر الكبير قادر على تحويل التاجر الناشئ إلى مُستهلك، بالإضافة إلى قدرته على التحكُم بسعر السّوق أيضا، ومع تداول أخبار عن خسارة قطّاع الأعلاف مبالغ مالية بقيمة “45” مليار ليرة سورية، خلال الأشهر الثلاث الماضية فقط، على الرغم من دعم الحكومة لهذا القطّاع بمبلغ “40” مليار يورو، ما يطرح تساؤلات عدة حول مبررات الخسارة، أجاب عليها عضو مجلس الشعب ورئيس غرفة زراعة حمص والمشرف على لجنة دواجن المحافظة “أحمد كاسر العلي” الذي اعتبر أن دعم الحكومة لهذا القطاع لم يبدأ بعد وقال لـ “شام تايمز” ..”إن دعم الحكومة مازال في طور الوعود والكلام، لَم تُنفق الحكومة ولا ليرة سوريّة واحدة حتّى الآن على قطّاع الدواجن والأعلاف، وبالنسبة للخسائر فبالدرجة الأولى يجب أخذ تفاوت سعر صرف القَطع الأجنبي بين فترة وأخرى بعين الإعتبار، وبالتحديد مع تحكُّم التاجر باستيراد العَلف، وتلاعبهم بسعره مع صعود أو هبوط سعر الصرف على الرغم من وجود الأعلاف في مستودعاتهم وإمدادهم بالقطع الأجنبي من المصرف المركزي إلا أنهم يبيعون مستورداتهم وفق سعر الصرف في السوق السوداء، لطالما طالبنا الحكومة بإعطاء مؤسسات الأعلاف دورها في استيراد الأعلاف بدلاً عن التجار وتوزيع مخصّصات على المُدجّنين بسعر حكومي محدد وثابت وقد يكون مدعوم بما أنه مادة أولية لسلعة تموينية أساسيّة، وقد طُرح الموضوع تحت قبّة المجلس عدة مرات وإلى الآن لم تحدث استجابة”

ووفق لتلك المعطيات ما زالت السوق الاستهلاكية تبحث عن ضابط، على الرغم من المحاولات الحثيثة من الحكومة لذلك، إلّا أن بعض الثغرات المستمرة بالتضخم تقف عائق بين ثقة المواطن والحكومة..

المؤسسة العامة للأعلاف.. دورنا إيجابي!

بدوره قال مدير عام المؤسسة العامة للأعلاف المهندس “عبد الكريم شباط” لشام تايمز الإقتصادي إنه تم تخصيص 40 مليون يورو لاستيراد 125 ألف طن من مادتي الذرة وكسبة الصويا وذلك دعماً لقطاع الدواجن.

وبين شباط إنه وخلال أيام قليلة ستحل مشكلة عدم توفر مادتي الذرة وكسبة الصويا مؤكداً أنه عند استلام المؤسسة الدفعة الأولى سيتم التجهيز لاستلام الدفعة الثانية لتبقى عملية الاستيراد مستمرة.

وأكد شباط أنه لا يوجد مبرر لارتفاع أسعار الفروج، كون من يعمل بتربية الدواجن يحصلون على الأعلاف بأسعار الدولة وهي أسعار منخفضة، مقارنة بسعر السوق، مشيراً إلى أنه يباع كيلو كسبة الصويا بـأكثر من 600 ليرة في السوق فيما كانت تبيعها مؤسسة الأعلاف بسعر 320 ليرة، أما كيلو الذرة يباع في السوق بسعر 320 ليرة.

وشرح مدير عام مؤسسة الاعلاف إنه يوجد لدى المؤسسة سوى 300 ألف طن من مادة الشعير ويباع الطن بـ146,500 ألف ليرة وبحسبة بسيطة إذا اشترى المربي طن من الشعير مع الإضافات المطلوبة لتعطي نفس فاعلية الذرة فانه سيتكلف مبلغ يتراوح بين 150-155 ألف ليرة أي أنه سيوفر نصف المبلغ الذي يتكلفه بحال شراء طن الذرة من السوق بـ 320 ألف ليرة.

حلول اسعافية:

وأضاف “شباط” إن المؤسسة طرحت حلاً إسعافياً لمساعدة مربيي الدواجن من خلال فتح دورات علفية كل شهرين، وقدمنا خلالها مواد الكسبة والشعير والنخالة بمعدل 1100 غرام لكل طير، وقد لاقت هذه الدورات ارتياح كبير لدى المربين، منوهاً إلى أنه تم فتح دورتين علفيتين منذ بداية العام وحتى نهاية نيسان وقد تم بيع 185 ألف طن من العلف.

واعتبر المدير إن دور المؤسسة إيجابي، كونها لا توزع الأعلاف على المربيين فقط بل إضافة لذلك تعمل على توازن أسعار المواد العافية الموجودة في السوق مقارنة مع سعر المؤسسة.

خسائر بالمليارات:
ورغم اعتبار المؤسسة أنها صاحبة تدخل إيحابي في سوق الأعلاف، إلا أن صفحات مواقع التواصل الاجتماعي وحسابات عديدة، نشرت مؤخراً ما قالت إنه دراسة تقديرية تؤكد خسارة قطاع الأعلاف نحو 45 مليار ليرة سورية، لكنها بقيت دون رد من قبل المؤسسة أو أي جهات أخرى، ليبقى ملف الأعلاف رهن الاستثمار من قبل مستغلي أزمات الخبز ومشتريه بكميات كبيرة، وغيرهم ممن يحاول الاستحواذ على السوق والقضاء على أصحاب المشاريع المتوسطة والصغيرة.

شاهد أيضاً

محطة بنزين أوكتان المتنقلة تصل إلى المدينة الصناعية بحلب

شام تايمز – متابعة وصلت إلى المدينة الصناعية في “الشيخ نجار” بحلب محطة بنزين أوكتان …