شام تايمز الاقتصادي – دمشق – مارلين خرفان
مع اقتراب عيد الفطر بدأت العديد من الأسر بتحضيرات خجولة لاستقباله، فالحال هذا العام مختلف تماما عن أعياد سابقة، فالوباء والغلاء والأزمات المعيشية تتربص بحياة السوريين من كل حدب وصوب، ما يدفع غالبية المواطنين لحذف العديد من مستلزمات العيد المعتادة بسبب ارتفاع الأسعار والضائقة المادية.
وما يزيد من حالة الذهول أمام الواقع المتردي، أن يكون متوسط الدخل لا يتجاوز 40 إلى 70 ألفاً، وفي الوقت ذاته تُعرض قطعة ملابس في إحدى محال الأسواق الراقية، بسعر من 6 خانات، وما يذهل أكثر هو ارتفاع أسعار مجال الأحياء الشعبي، والتي من المفترض أن تكون أسعارها متقاربة مع المستوى المعيشي لسكانها، إلا أن الواقع مختلف “السوق شعبي والسعر سياحي” والمضحك المبكي مشهد الازدحام أمام الصرافات وكأن الراتب “بدو يطلع الزير من البير”.
من قريبو:
فرضت الحرب والأزمة الاقتصادية المستمرة على السوريين أساليب حياة جديدة، ودفعتهم للتخلي عن الكثير من العادات والممارسات، فتقول “عبير.خ” والتي تعمل ربة منزل .. “أعيش في مدينة حمص، عادة في الأعياد أذهب مع عائلتي إلى بيت أهلي في دمشق، ولكن هذا العيد مختلف تماماً ولسببين أولهما انتشار فايروس كورونا، والثاني تحليق الأسعار عالياً (المواصلات من محافظة إلى أخرى والألبسة والحلويات)، جميعها أرقامها فلكية، سنقتصر على تحضير “معمول بعجوة” في المنزل، يعني من قريبو”.
العيد لم يعد لنا:
ولم تقتصر تداعيات الحرب على تغيير أساليب حياة السوريين، بل زادت من حدة القهر، حيث تقف “مريم.ع” وهي أم لطفلين أمام واجهة أحد محال ألبسة أطفال وتنظر بحرقة وقلب مكسور، وتقول لشام تايمز:” العيد لم يعد لنا، لم أستطع شراء ملابس لأولادي، زوجي موظف والراتب لا يكفي لتلبية حاجاتنا الأساسية، فكيف لنا أن نشتري مستلزمات العيد، وحججنا لأبنائنا جاهزة “وباء وغلاء”، ولا ساحات ولا حدائق ألعاب ولا هم يحزنون”.
همومنا طامرتنا:
بدوره “عادل” وهو سائق تكسي أجرة يجيب بحسرة.. “الأسعار نار، ممكن أن أشتري حلويات للعيد إذا استغنى ولد من أولادي الأربعة عن بنطلون أو كنزة أو بوط، أو ممكن يكون في بدائل مثلاً (عصير أو كعك عيد في البيت) همومنا طامرتنا، أي عيد هاد وأجرة بيتي 60000 ألف”.
حلويات بطعم المرار:
خلال جولة على الأسواق، كانت السيدة “نور” تتحدث مع نفسها أثناء خروجها من أحد محال بيع القهوة وتقول “بلاها القهوة بترفع الضغط” وأضافت في حديث لمراسلة شام تايمز الاقتصادي.. “اشتريت بنطلون لأبني “ستوك أكيد” بـ 7000 ل.س، وكيلو معمول بعجوة وغريبة بـ8000 ل.س وبالنسبة لي ثمنها مرتفع، لكن الشيء الذي يحرق القلب هو أن يشتهي طفلك سكاكر وشوكولا ولا تستطيع أن تشتري له”.
وكما هي العادة، يُعلق التجار ارتفاع الأسعار على شماعة عدم الاستقرار بسعر الصرف، وارتفاع أسعار المواد الأولية المصنوعة منها وأجور النقل وأجرة اليد العاملة. وعلى ما يبدو فإن ارتفاع درجات الحرارة في أسبوع العيد، انعكس على أسعار مستلزمات العيد، ولم تلهب الحرارة أجساد الناس فقط، بل ألهبت القلوب والجيوب المثقوبة، فالعيد لم يعد يتجلى بإدخال البهجة إلى قلب صاحب “الدخل المهدود” بل صارت البهجة من نصيب الأثرياء والمواطنين فوق العادة.