شام تايمز الاقتصادي – دمشق – منار الزايد
قال “المتنبي” عن العيد “عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ما مَضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ” وكأنه يعيش معنا هذه الأيام، من حرب إلى وباء رافقه غلاء فاحش في كل شيء تزامن مع شهر كريم، جاء والنسبة الأكبر صارت تعاني من ضائقة مادية ومعيشية.
حيث قاربت أسعار الحلويات في الأسواق، أسعار العقارات والذهب في العلو، وشكلت ارتفاعاً قياسياً في أسعار الحلويات قبيل عيد الفطر وسط انعدام القدرة الشرائية وغلاء المعيشة والتي وصلت لأدنى مستوياتها تزامناً مع الإجراءات الاحترازية، التي أعلنت عنها الحكومة للتصدي لوباء فيروس كورونا، مع عدم تقديم أي مساعدة فعلية على أرض الواقع من قبل الحكومة، علماً أن الحلويات بشكل عام خرجت من حسابات الكثير من السوريين، واقتصر شرائها عند الأغنياء وميسوري الحال.
وأشار العديد إلى أن غلاء الأسعار ومرارة الفقر وصعوبة هذه الأيام والمترافقة مع الغلاء المعيشي، حرمهم من حلويات العيد، وعبر أشخاص أن بهجة العيد لها ركن أساسي آلا وهو الحلويات الشرقية التي يكثر الطلب عليها بفترة العيد، وطالها ارتفاعاً غير مسبوق، خلال الأيام الماضية بنسبة تراوحت بين 15-20 %.
الحلوانيون يوضحون:
أحد أصحاب محال بيع الحلويات أوضح أن ارتفاع أسعار الحلويات بشكل عام تدخل فيه عدة أسباب، منها غلاء قيمة العقار سواء كان ملك أو آجار وحسب المنطقة، وغلاء أجور العمالة المختصة وقلتها وفي بعض الأحيان، والسبب الأهم الغلاء الكبير في أسعار المواد الداخلة في التصنيع وأهما “الغاز” والتي يشترونها في بعض الأحيان بالسوق السوداء، وأحياناً يضطرون لاستخدام عبوات الغاز المنزلي وهذا الأمر مخالف للقوانين ولكنهم يجازفون لإنهاء العمل وانقطاع التيار الكهربائي واستخدام وسائل تأمين الطاقة الكهربائية من مولدات ومدخرات، واستخدام مادة الكاز في العديد من المراحل ساهم في الارتفاع فسعر الليتر الواحد من الكاز يصل إلى 800 ل.س، ولا ننسى سعر الفستق الحلبي، والذي يعد الحجة الرئيسية لأغلب أصحاب المحال والحجة الأخرى السمن العربي وسعر كيس السكر الذي وصل إلى 30 ألف ليرة وكيلو السمن الحيواني إلى 10 آلاف ليرة، فيما وصل كيس الطحين إلى 30 ألف ليرة.
الجهات المعنية تصرح فقط:
بحسب وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، فإن محال الحلويات التي تقدم نوعية خاصة اكسترا بسعر مرتفع، عليها تقديم بيان كلفة إلى المديرية ليتم على أساسها اعتماد التسعيرة، بينما تلزم باقي المحلات بنشرة الأسعار للسمن الحيواني والنباتي.
الحلويات الشعبية كاسدة أيضاً:
وبسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطن السوري “تحت العادة” صارت الحلويات العربية كاسدة ومكدسة بالمحلات فليس من المعقول أن يصل سعر كيلو النمورة في مدينة تابعة لمحافظة ريف دمشق إلى 4500 ل.س.
وخلال جولة رصد على محال الحلويات، بدت الأسعار متفاوتة على سبيل المثال بين شارع 29 أيار والصالحية والعباسيين، ناهيك عن الأسعار في حي الميدان الشهير بصناعة الحلويات، ما يطرح سؤالاً مشروعا.. هل تختلف أيضاً أسعار المواد الداخلة، لإنتاج الحلويات بين المناطق المذكورة سابقاً وهي في محافظة واحدة؟
وفي السياق نذكر بعضا من الأسعار المسجلة في الأسواق، حيث سجل كيلو المبرومة عدة أسعار منها 32000، 35000، 36000 ل.س. والآسية والبلورية قاربت نفس الأسعار، ومعمول الجوز تفاوت بين 12000-16000 ل.س. في حين نافسه معمول الفستق الحلبي الذي انطلق بسعر 30000 ل.س وهو في صعود مستمر، شبيه بصعود أسعار الذهب، والمسؤولة بحسب أصحاب المحال تقع على عاتق الفستق الحلبي أو ما يسمونه “المادة السحرية” أما معمول العجوة الأكثر تداولاً بين الأهالي سابقاً، صار الكيلو الواحد منه يمثل خمس راتب موظف في القطاع العام، والغربية والبرازق أيضاً أسعارهما ليس بأفضل حال من غيرها فهي أيضاً بدأت بصعود سلم الغلاء حيث كانت على الدرجة الأولى بسعر 12000 ل.س، ليصل سعرها مؤخراً في بعض المحال إلى قرابة 18000 ل.س وأصابع الكاجو انطلقت بداية الطريق بقيمة 20000 ل.س. للكيلو الواحد أي ثلث الراتب الشهري للموظف العام، ووصلت إلى أكثر من 25000 ل.س.
فشة خلق عبر السوشل ميديا:
وعلى خلفية أزمة “الفستق والغاز” صار التندر والتنكيت عن أسعار الحلويات الشغل الشاغل للمواطنين عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، أحدهم يقول إنه سيحول مبلغاً من المال لشعيبيات بالفستق، وآخرى تضيف أن مهرها سيكون خمس كيلو من كل صنف حلويات وحصراً من حي الميدان، وأحدهم سيصمم صورة ثلاثية الأبعاد ليضعها أمام الضيوف، ناهيك عن الصور التي اتنشرت والتعليقات التي لا تعد ولا تحصى.
وعلى الرغم من حالة السخرية والفكاهة التي تسود أجواء السوريين رغم المآسي والأزمات، إلا أن الحقيقة المرة لا تحجبُ بغربال، خصوصاً وأن الفرح صار ترفاً بالنسبة لهم، في ظل غلاء فاحش وحرمان شديد وضعف في الدخل، وإجبارهم على التخلي عن عادات وتقاليد كان السوريون يمارسونها لعقود وربما قرون، حتى أنهم باتوا مجبرين على إقناع أطفالهم بأن هذا الشيء غير لذيذ وذلك ضار بالصحة ولا يجب أكله، للتهرب من مسؤولية شرائه.