شام تايمز الاقتصادي – دير الزور – عثمان الخلف
تنخفض نسبة الدمار في مدينة “الميادين” بمحافظة دير الزور، مقارنة بالأحياء السكنية والمباني الحكومية بمختلف مناطق المحافظة ومركزها، بفعل الحرب على الإرهاب الذي خنق المدينة لسنوات. وساعد انخفاض تلك النسبة في عودة جزء كبير من أهلها المهجرين منها قسراً بعد تحريرها من سيطرة ما يسمى بتنظيم “داعش” الإرهابي أواخر العام 2017، ورغم ذلك إلا أن المدينة ما زالت تفتقد للعديد من الخدمات، في مقدمها متعلقات العمل البلدي الذي يواجه صعوبات كبيرة، ناهيك عن غياب الاتصالات الأرضية للمشتركين رغم جاهزية مقسم الهاتف فيها، وبقاء عدة مباني حكومية بانتظار تأهيلها.
خدمات عادت وأخرى بالانتظار:
في عموم المشهد، تبدو الميادين مدينة منهكة بسبب تردي الواقع الخدمي، بعض الخدمات عادت إلى المدينة، كالتيار الكهربائي الذي بات يصل إلى الريف الغربي (بقرص، الشميطية، الخريطة.. الخ) حيث مواقع محطات المياه والجهات الحكومية والمنازل بنسبة جيدة، حسب ما أكد رئيس مجلس مدينة الميادين “علاء السوادي” لشام تايمز، مشيراً إلى أن إعادة تأهيل محطة كهرباء الميادين ساهمت في تحقيق وفرة بالطاقة الكهربائية.
وأضاف “السوادي” إن الأمر مماثل بالنسبة لواقع المياه التي باتت تغطي أحياء المدينة المأهولة، كما تمت إعادة تأهيل مبنى المحكمة ودائرة الشؤون المدنية وقسم المالية. لافتاً إلى أن عدة مباني حكومية لا تزال بانتظار إعادة تأهيلها كمبنى الخدمات الفنية ومبنى السرايا، وقرابة خمس مدارس رسمية أيضاً.
لا إيرادات للبلدية:
تصل التقديرات (غير الرسمية) لأعداد السكان العائدين للمدينة إلى قرابة 30 ألف نسمة من أصل 60 ألف نسمة بحسب التقديرات السكانية قبل الأزمة، وبحسب “السوادي” فإن موازنة المجلس تبلغ حوالي 100 مليون ليرة سنوياً، توزعت إلى تسعة أبواب أهمها “الرواتب و الأجور والتعويضات و التي استحوذت على 70% بمبلغ يصل 67 مليون ليرة، النفقات الإدارية قرابة 21 مليون ليرة، والإستثمارية نحو 8,5 مليون ليرة في حين كانت نفقات باب الديون و الالتزامات 3 ملايين ليرة”.
وبالتالي كما يشير رئيس مجلس مدينة الميادين في حديثه لـ “شام تايمز” فإن أبرز المعوقات تكمن في ضعف الإيرادات، إذ لايوجد حالياً سوى رسم مقابل الخدمات، ويفرض حسب كل مهنة تتراوح قيمته بين 1000 – 3000 ليرة سورية.
موضحاً أن المجلس فقد معظم إيرادته، وبخاصة من سوق المواشي الذي كان يؤمن موازنة المجلس بأكثر من 70% من إيجار المحلات التجارية، وحركة بيع المواشي اليومية، كما فقد المجلس إيرادات رخص البناء المتوقفة تماماً.
ويواجه العمل البلدي في المدينة مشاكل عدة، على رأسها تراكم القمامة في الشوارع، والتي تزيد من سلبية الواقع المعيشي بالنسبة للأهالي والسكان، نظراً لآثار الظاهرة التي تتسب بالأمراض، الأمر الذي عزاه “السوادي” إلى قلة اليد العاملة، موضحاً أن ورشات النظافة لا يوجد فيها سوى 20 عاملاً فقط يقومون بجمع القمامة وهو عدد قليل جداً ولايغطي أحياء المدينة، وما يزيد الأمر سوءاً عدم وجود آليات لنقل النفايات حالياً، فيما كان يمتلك المجلس سابقاً نحو 35 آلية كان مصيرها إما السرقة أو التدمير، وصار المجلس لا يملك سوى جرار واحد وتريكس مرسلٌ من المحافظة، وبسبب هذا الواقع أضطر المجلس إلى تخصيص حوالي 22 مكباً داخل المدينة، ليتم العمل على مدى 10 أيام بترحيلها إلى مكب القمامة خارج المدينة.
مشاريع قيد الإقرار:
ولا تقتصر المعاناة على أحد دون آخر، حتى كادر العمل البلدي يعانون من ظروف عمل سيئة بعد الدمار الذي لحق بالمبنى البلدي، والذي أجبر رئيس مجلس المدينة على إدارة العمل مع موظفي المجلس من مبنى السرايا الذي يحتاج هو الآخر إلى إعادة تأهيل، موضحاً أن الكادر يشغل حالياً 3 غرف فقط في المبنى المذكور، وكنتيجة لذلك نفتقد للدائرة الصحية لمتابعة واقع المطاعم والأسواق، لتُمارس القوى الشَرطية دوراً رقابياً لضبط الوضع، وهذا بالتأكيد ليس حلاً عملياً، لكنه واقعنا الاضطراري.
ورغم هذا الواقعجرى التعاقد لتنفيذ عدة مشاريع كما أشار “السوادي” منها إعادة تأهيل المجمع الحكومي والذي سيتم على مرحلتين، ستنفذه الشركة العامة للبناء والتعمير بكلفة إجمالية لكل مرحلة 24 مليون ليرة، وتأهيل المجمع الإداري (الإطفائية) بكلفة 24 مليون ليرة، إضافة للمجمع التجاري بكلفة 24 مليون ليرة سورية.
وهناك مشروع للصرف الصحي قيد الدراسة حيث تُقدر أضرار الشبكة بـ 2 كم، مؤكداً تقديم طلب لدراسة الموضوع كون مسافة 1200م منه تحتاج استبدالاً وهو مكلف ومن الممكن أن يتم تعزيله كحل آني.
وأشار المسؤول الحكومي إلى أن العمل سيجري لتزفيت وترقيع عددٍ من الشوارع خلال الأيام القادمة، وإجراءات التعاقد جارية للمصادقة عليها في المكتب التنفيذي لمحافظة دير الزور وتصل كلفة العقد 61 مليون ليرة، كذلك تم تجهيز سوق شعبي غربي المدينة سوف تنقل إليه مهن بيع اللحوم والبسطات وعربات الخضار. وكانت ورشات الـ UNDP بدأت بتنظيف السوق المقبي ومحيطه وجرى ترحيل قرابة 3 آلاف م3 من الأنقاض، كما ساعدت منظمة RSRB الألمانية بترحيل النفايات.
مبادرة أهلية:
وأمام واقع مجلس مدينة الميادين الذي بدا مكتوف الأيدي أمام الدور المطلوب منه، بدا لافتاً مبادرة الأهالي لمواجهة فايروس “كورونا” عبر شراء مضخات للتعقيم ومن ثم التنسيق مع الجهات المعنية وتأمين متطوعين لتعقيم الأماكن العامة والأسواق، وهي لفتة من المجتمع المحلي، تحمل رسائل للجهات المعنية في وزارة الإدارة المحلية والحكومة، لدعم المدينة بما بتحتاجه.