الأسعار أوروبية والدخل سوري..الحكومة عجزت عن ضبط الأسواق!

شام تايمز الاقتصادي – بشار الحموي

تصميم غرافيك: إياد سلفيتي

يعيش المواطن السوري أسوأ فترات الأزمة الطويلة التي بدأت منذ تسعة أعوام تقريباً، ولكن الخطورة أصبحت اليوم ليس من قذائف طائشة أو من رصاص غادر، وإنما من تجّار تكالبت أنيابهم على قوت المواطن، ومن قرارات حكومية لا تتعدى غالبا، شاشات التلفاز وصفحات الوزارات ومديرياتها على وسائل التواصل الاجتماعي، فهل عجزت الحكومة مجتمعة في الفترة الأخيرة على تأمين متطلبات الحياة بأسعار تناسب دخل الكثيرين الذي أصبح شبه معدوم في حملة التصدي الأخيرة لـفايروس “كورونا”.

ولعل أبرز الحلول الغائبة عن العمل الحكومي للتصدي للغلاء هو التدخل الإيجابي، والذي يكون حسب الخبيرة الاقتصادية نسرين زريق، بدعم الفلاحين والشراء منهم قبل الانخراط بعمليات استيراد لمنتجات موجودة محليا كالمزروعات السورية، وأضافت “زريق” لـ شام تايمز” أن المزارع السوري أحق من تاجر الاستيراد بأن يستلم ثمناً جيداً لبضائعه، هذا إن لم تكن تود مؤسسة السورية للتجارة خفض أسعارها لتقدم دعماً للمواطنين بالخضار واللحوم.

حمّال الأسية!!

جُل التخبطات التي تشهدها حال الأسعار تتحملها “السورية للتجارة”، ليس لأنها مؤسسة فشلت في لعب دورها المناط بها (تأمين المواد الاساسية للمواطنين بأقل الاسعار) بحسب العديد من المواطنين، بل لأنها أصبحت الشماعة التي تعلّق عليها الوزارات المختصة مجتمعة فشلها، وتضعها في الواجهة مع المواطن الذي صار يحمّلها مسؤولية غلاء الأسعار وتأمين المواد وضبط الغش والتلاعب، فكيف تستطيع هذه المؤسسة بيع البندورة مثلاً بأسعار منطقية وهي تهرّب بشكل يومي لدول الجوار، فهل على هذه المؤسسة تحمّل عمل وزارة الداخلية مثلاً!

الحل هو تكاتف الوزارات بشكل حقيقي لمساعدة المواطن كما أكد مدير المكتب الصحفي في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك محمود محمد لـ “شام تايمز”، مضيفاً أن المؤسسة غير قادرة على تحمل هذه الضغوط وحدها إن لم تأخذ كل وزارة دورها في التصدي للغلاء، فيما يبقى تسائل “زريق” أين دور المؤسسة في التدخل الإيجابي لتحييد الفقراء عن معارك الأسعار هذه؟

مبادرات فعّالة رجاءً لا تحاربوها

“فقل اعملوا…” مبدأ سماوي تتجاهله أغلب الجهات المختصة حول الواقع المعيشي، فيما يستغله قلةٌ لخدمة المواطن، محافظة طرطوس تنجح بما عجزت عنه عدة وزارات “مختصة”،بعد تسخيرها لجميع السيارات التابعة للمؤسسات الحكومية التي وضعت تحت تصرفها في أزمة “الكورونا”، وقامت بالاتفاق مع مزارعي سهل عكار بتأمين الخضراوات للمحافظة بسعر التكلفة دون إضافة أجور وبيعها للمواطن بشكل مباشر، لتنخفض الأسعار عن ما تصدره وزارة “حماية المستهلك” بحدود 50 بالمئة في أغلب الأحيان، ولتزدهر المبادرة بشكل أكبر بعدها ويتم تقديم الخضراوات للمواطنين في القرى الفقيرة بالمجان ك “هدايا” من قبل المزارعين، حسب ما أكد مصدر مطلع في محافظة طرطوس لـ “شام تايمز”، ولكن المبادرة توقفت عن عملها ويبدو أن توقيفها كان لما سببته من خسائر لتجار سوق الهال حسب ما أكده أحد أعضاء مجلس مدينة دريكيش، مضيفاً: فشلت المبادرة ونجحت الحرب ضدها وضد المواطن!

وتؤكد هذه التجربة أن العمل الحقيقي الفاعل ممكن إذا تواجدت الإرادة لدى الجهات المعنية كما حدث في محافظة طرطوس، وإن مقومات النجاح موجودة، ولكنها تنتظر من يعمل!

“ضحك على اللحى”

قي السياق، كان صرّح وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عاطف نداف “الجمعة” بأن الوزارة تعمل على ضبط الأسواق، وأن دوريات التموين لا تهدأ على مدار الساعة لضبط المخالفين، لكن الواقع مختلف تماماً، قبل يومين صدر قرار من نفس الوزارة بمحضر جلسة يحمل الرقم 31 جاء فيه بأن سعر كيلو البندورة 700 ليرة وتباع للمواطن بـ 750 ليرة، بينما الواقع مختلف تماماً حيث سجلت في أسواق دمشق أكثر من 1000 ليرة للكيلو الواحد، فلماذا لا ترى تلك الدوريات الأسعار في السوق، وهل سنقول للمواطن عليك الشراء من “السورية للتجارة” والتي تفرغ رفوف صالاتها مبكراً!! أم أن هذه الدوريات تنتظر شكاوي المواطنين الذين يتم إجبارهم على انتظار الدورية لتتم الشكوى حسب قانونها، أم ينتظر المواطن قانون التموين الجديد المقترح والـ 3000 مراقب تمويني جديد حسب وعود الوزير نفسه، أم أن يدفع الفرق “ويسلّم أمرو لله”!!

الأسعار مرتبطة بالأسعار العالمية صعوداً.. طيب وإذا نزلت عالمياً؟!

أغلب أسباب غلاء الخضار والفواكه هي تكاليف النقل المتعلقة بارتفاع سعر المازوت والبنزين، وعدم كفاية الكميات على البطاقة الذكية، واللجوء لتأمين الوقود من السوق السوداء، وضريبة تلك الأخطاء تُدفع من جيب المواطن، ولكن مع انخفاض أسعار النفط عالمياً لم يلمس المواطن إي تعديل على واقع أسعار المشتقات النفطية في سوريا، التي بانخفاضها يتم تخفيض كافة أسعار السلع الغذائية وغيرها، بل ازدادت الأسعار بشكل واضح خلال هذه الفترة المتزامنة مع انخفاض النفط العالمي إلى دون الدولار، فبحسب وزير النفط، لا انخفاض في الأسعار إنما هي “سياسات” ليس إلا!!

ومع دخول شهر الخير  بدأت الأسعار تأخذ مساراً تصاعدياً مضاعفاً، فيما ينخفض الدخل إلى أدنى المستويات خلال سنوات الأزمة، فكيف للمواطن الاستمرار وسط قرارات حكومية غير آبهة به تضعه بين فكي الجوع والتجار، دون أي تحركات جدية تسعفه من هذا الواقع “المعقد” كما تراه أجهزة الحكومة، المسايرة لمصلحة التجار على حسابه، على عكس ما تراه الخبيرة الاقتصادية نسرين زريق بأن الحل بالمحاكم الاقتصادية، وأن تبدأ بالفاسدين قبل أن تبدأ بالتجار، وعدم الذهب بهذا الاتجاه أدى إلى توجه المواطن بعدم الاهتمام بخطر “الكورونا” واستعداده لتعريض نفسه لخطورة الإصابة الناجمة عن الطوابير والازدحام في محاولته تأمين قوت يومه.

شاهد أيضاً

محطة بنزين أوكتان المتنقلة تصل إلى المدينة الصناعية بحلب

شام تايمز – متابعة وصلت إلى المدينة الصناعية في “الشيخ نجار” بحلب محطة بنزين أوكتان …