شام تايمز الاقتصادي – دمشق
عشر سنوات على المأساة التي حصلت في سوريا، نحو عقد من الزمن وما زالت البلاد تحت وطأة الحصار وخطر الاحتلال، لا معين ولا مغيث سوى بعض الحلفاء المتأزمين أصلاً، بفعل أحداث سياسية واقتصادية وربما حتى صحية مؤخراً.
الحديث عن الصمود السوري اليوم، لا يمكن أن يكون منطقياً دون العودة إلى البداية، واستذكار أشنع الوقائع العربية والغربية التي تحالف فيها الشقيق مع العدو، معلناً تطويق سورية وحصارها اقتصادياً، ودعم الحرب عليها عسكرية عبر جماعات منظمة وأخرى إرهابية وغيرها من المحاولات.
في الخامس عشر من آذار من كل عام، لا نستذكر فقط بداية المأساة التي حلت ببلادنا، وإنما أيضاً من ساهم بإيصالها إلى ما وصلت إليه من معاناة وأزمات متفاقمة، كقائمة العقوبات التي فرضتها جامعة الدول العربية على سورية، وأعلنها آنذاك، رئيس الوزراء وزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم في مؤتمر صحفي يوم 27 نوفمبر الحالي، وتضمنت:
1- منع سفر كبار الشخصيات والمسؤولين السوريين إلى الدول العربية وتجميد أرصدتهم في
الدول العربية
2- وقف التعامل مع البنك المركزي السوري.
3- وقف التبادلات التجارية الحكومية مع الحكومة السورية، باستثناء السلع الاستراتيجية التي
تؤثر على الشعب السوري.
4- تجميد الأرصدة المالية للحكومة السورية.
5- وقف التعاملات المالية مع الحكومة السورية.
6- وقف جميع التعاملات مع البنك التجاري السوري.
7- وقف تمويل أي مبادلات تجارية حكومية من قبل البنوك المركزية العربية مع البنك
المركزي السوري.
8- الطلب من البنوك المركزية العربية مراقبة الحوالات المصرفية والاعتمادات التجارية،
باستثناء الحوالات المصرفية المرسلة من العمالة السورية في الخارج إلى أسرهم في
سورية، والحوالات من المواطنين العرب في سورية.
9- تجميد تمويل إقامة مشاريع على الأراضي السورية من قبل الدول العربية.
10- فيما يتعلق برحلات الطيران من والى سورية، تقوم اللجنة الفنية التنفيذية بتقديم تقرير
خلال أسبوع من تاريخ صدور هذا القرار إلى اللجنة الوزارية المعنية بالوضع في سورية
لتحديد موعد وقف رحلات الطيران من والى سورية.
11- تكليف الجهات التالية لمتابعة التنفيذ كل فيما يخصه:
– الهيئة العربية للطيران المدني.
– صندوق النقد العربي.
الوزير القطري وبعد سنوات عديدة ذاع صيته باعتراف شهير له قال فيه، “تهاوشنا على الصيدة وفلتت” مؤكدا ان بلاده وبدعم من دول عربية وبتنسيق مع تركيا عملت على دعم الجماعات المسلحة في سورية، والتي أدت لاحقاً إلى تدمير البنى التحتية وتهجير الملايين من منازلهم إثر العمليات الإرهابية التي نفذتها، بدعم وتمويل خارجي.
ولم تكن العقوبات العربية هي الوحيدة في تلك المرحلة بل تزامنت مع عقوبات أمريكية أوروبية، إذ حظرت الولايات المتحدة التعاملات التجارية مع سوريا في نهاية نيسان 2011، وجاءت استكمالاً لعقوبات كانت فرضتها عام 2004.
وفي آب من ذات العام، أضافت وزارة الخزانة الأمريكية المصرف التجاري السوري، والمصرف التجاري السوري اللبناني التابع له في بيروت، إلى قائمة سوداء تضم شركات جمدت أصولها إلى جانب شركة سيريتل للهاتف المحمول.
وشملت العقوبات أيضاً فرض تجميد كافة الأصول السورية الحكومية، وحظرت على الأمريكيين القيام باستثمارات جديدة، ومنعت التصدير إلى سورية أو استيراد النفط منها، وأضافت شركات أخرى إلى القائمة السوداء منها شركة تسويق النفط السورية (سيترول) والشركة السورية للنفط.
وبدوره الاتحاد الأوروبي كان شريكا في عملية حصار سورية اقتصادياً، معلناً تجميد الأصول السورية في 24 أيار عام 2011، وفرض عقوبات على مؤسسات تجارية، وهي بنا للعقارات وصندوق المشرق للاستثمار ومجموعة حمشو الدولية، ومؤسسة الإسكان العسكرية، بتهمة التعاون مع الحكومة السورية، في 24 من حزيران.
وواصل الاتحاد نهج العقوبات التعسفية، وأعلنت حكوماته في 2 أيلول اتفاقها على حظر واردات النفط السوري وتوسيع العقوبات لتشمل سبعة أفراد ومؤسسات سورية جديدة، كما حظر الاتحاد في 24 أيلول على الشركات الأوروبية القيام باستثمارات جديدة في قطاع النفط السوري، ومنع إرسال أوراق مصرفية إلى البنك المركزي السوري. وشملت العقوبات أيضا شركة سيريتل موبايل تيليكوم وقناة الدنيا التلفزيونية وثلاث شركات عاملة في قطاعي التشييد والاستثمار.
وفي الأول من كانون الأول من العام الأول، حظر الاتحاد الأوروبي تصدير المعدات الخاصة بصناعة النفط والغاز إلى سوريا والتداول بسندات الحكومة السورية، وبيع برامج الكمبيوتر التي قد تُستخدم في مراقبة الاتصالات السلكية واللاسلكية.
وبالتأكيد لم ينته مسلسل العقوبات عند عام 2011، بل سعت الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين والعرب، إلى فرض عقوبات على كل ما يمكن أن يكون له دور في الحفاظ على استقرار الواقع الاقتصادي داخل البلاد، أو دعمه بأي شكل من الأشكال، وطالت العقوبات أحادية الجانب والتعسفية سلسلة من الشركات والشخصيات ورجال الأعمال.
ولا يعد قانون “قيصر” الذي أصدرته إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في كانون الأول من العام المنصرم، سوى محاولة جديدة لتضييق الخناق على الحكومة السورية وحلفائها، تبعه أيضاً قرار أوروبي بفرض عقوبات على عدد من رجال الأعمال السوريين.
ورغم سنوات الحصار تلك والعقوبات المشددة، لا يمكن القول إن محاولاتهم تلك نجحت في تحقيق إنجاز سياسي ما عبر الاستثمار في الحصار الاقتصادي، وما ساهم في إفشال ذلك بشكل رئيسي، هو اعتياد المواطن السوري على الأزمات وقدرته المكتسبة على التعايش مع مختلف أنواعها، رغم صعوبة ما وصلت إليه الحال من تدهور في قيمة العملة المحلية.