للمرأة في يومها.. تحية إلى “زنود الست” السورية العاملة

شام تايمز – جوان ملا

دخلت المرأةُ معترك سوق العمل منذ سنوات طويلة، وذلك بعد جهود كبيرة بذلتها النساء في مسار إثبات الذات، خصوصاً ضمن بعض المجتمعات التي تتسم بالذكورية والتي فرضت عليها سيطرتها وتأطيرها كَرَبّة منزل مسؤولة عن بيتها وأولادها فقط، دون أن تفكر خارج جدران هذا المكان، لكن النضال النسوي استمر عقوداً من قِبَل الكثير من النساء الرائدات وحتى الرجال المناصرين لها، لنصلَ إلى تلك النتيجة التي نراها اليوم بمشاركة فعالة للمرأة في العمل ولكنها مازالت غير مُرضِية بشكلٍ كافٍ للكثير من السيدات وحتى للمنظمات الدولية أو غير الحكومية التي تنادي بحقوق المرأة ومساواتها بالرجل في العمل.

ففي دراسة أجرتها منظمة العمل الدولية عام 2018 وجدت أن مشاركة الإناث في القوى العاملة العالمية تبلغ 48.5% أي أقل بنسبة 26.5% من معدل من الذكور، وبالتالي ازداد معدل البطالة لدى النساء في 2018 بنسبة 0.8%، فمقابل كل عشرة رجال يعملون هناك ست نساء يعملنَ فقط.

في حين مازالت ترضخ الكثير من النساء لقوانين غير منصِفة في العمل كأن يعملنَ دون عقود عمل مكتوبة في انتهاك واضح لقوانين العمل الدولية والاتفاقات الجماعية، وعلى صعيد التجارة فإن أرباب العمل الذكور يبلغون حسب نفس الدراسة أربعة أضعاف النساء اللواتي يزاولنَ المهنة عالمياً، لتثبتَ هذه الدراسة أن النساء مازلنَ الحلقة الأضعف في هذا السوق الخاضع لعقلية ذكورية إجمالاً.

بالانتقال للمرأة السورية التي برز دورها بشكل واضح في الأزمة الراهنة التي تعصف بالبلاد منذ ما يقارب العشر سنوات، فإن هذه السيدة التي لا يمكن وصفها إلا “بالصَّبورة” دخلت رغم كل الضغوطات سوق العمل، لحماية نفسها وأولادها من القسوة التي عاشتها نتيجة الحرب التي قتلت زوجها أو أولادها الذكور أو هجّرتهم وهجّرتها من منزلها.

ووجدت المرأة السورية نفسها واقفةً أمام واقعٍ صعبٍ حتّمَ عليها أن تتأقلم معه بنفسها، فكسرت جمود التقاليد والعادات التي كبّلتها وقررت أن تثبت ذاتها بحثاً عن حياةٍ كريمة لنجدها اليوم عاملةً في كل مكان، خصوصاً مع هجرة الشباب السوري إلى أوروبا أو الدول المجاورة، ما جعلها الفاعل الأكبر على الأرض والأكثر استقطاباً من قِبَل أرباب العمل لتزايد العنصر النسائي في المجتمع مقارنةً بالرجال.

ورغم شروط العمل التي مازالت مجحِفة بحق السيدات السوريات إلا أننا اليوم بتنا نشاهدها في أماكن عمل لم يسبق أن شاهدناها فيه كثيراً، بائعة في محمصة مثلاً، أو محاسِبة في محل شاورما دون أن تكترث لنظرة بعض الناس لها طالما أنها تعمل لكسب رزقها بجهدها، وبالتدريج بدأ المجتمع يتقبّل وجودها كعاملة في أماكن لم يعتَدْ مسبقاً على رؤيتها فيها.

وبالتأكيد قضية عمل النساء في سوريا ليست بجديدة، فالمرأة السورية وحتى قبل اندلاع الحرب كان لها وجودها الحقيقي والفعال في مجالات عدة، كالتعليم، والتمريض، والقانون، والاقتصاد، وحتى في الكليات الحربية أو كليات الشرطة، فالسوريات ومن قبل الاستقلال نادينَ بمساواتهنّ بالرجل وطالبنَ بدخولهنّ سوق العمل فكان لهنَّ جزءاً من حقوقهنّ التي لم تكتمل بعد حتى اليوم.

ورغم انخراطهنّ الواضح في هذا السوق منذ زمن، لكنهنّ حققنَ ذاتهنّ وكُنَّ سبّاقات في إثبات قدرتهنّ على التحمل والضغوطات خصوصاً في ظل الواقع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه البلاد لتكون السوريات اليوم رائدات في مجال العمل، ويضعن على عاتقهنّ وقوفهنّ بجانب الرجل وفي كثيرٍ من الأحيان مكانَه في غيابه، ومع إصرارهنّ يتبين للجميع أن تلك المرأة التي قاست ما قاسته في ظل غياب الرجل عنها قادرة على النهوض بمجتمعها وبنائه من جديد، وليس هذا بغريب على المرأة في الحروب، فمَن بنَينَ ألمانيا بعد الحرب العالمية قادرات على بناء وطنهن بعد أزماتها، قد تختلف الأماكن لكن الزنود واحدة.

شاهد أيضاً

“الزراعة” تبدأ بتطبيق برنامج الاعتمادية على محصول التفاح بريف دمشق

شام تايمز – متابعة أطلقت وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي الآلية التنفيذية لتطبيق برنامج الاعتمادية لتسويق …